لقد خلَّف لنا أسلافنا تراثاً عجزنا عن إحصائه فضلاً عن تعداده، وانتشرت مخطوطاتهم في مكتبات العالم من أدناه إلى أقصاه، واهتم الناس بهذه النفائس واقتنوها، وتوارثوها جيلاً بعد جيل، وبدأت تظهر مكتبات خاصة في البيوت، ومن ثم مكتبات عامة.
ولما بدأ عصر الطباعة.. برزت أهمية هذه المخطوطات، وبدأ العمل حثيثياً من أجل فهرستها، والعجب أن كثيراً من كنوز التراث تسرب إلى مكتبات عالمية غربية وغيرها.
ومن أهم تلك المكتبات: المكتبة السليمانية المنسوبة للسلطان سليمان القانوني أعظم سلاطين الدولة العثمانية، ولا يخفى على ذوي البصائر السليمة، والأذهان المستقيمة: أن فهرسة التراث هي مفتاح أبوابه المغلقة، وبداية تسهيل صعوباته المطلقة.
احتاج عمل هذا الفهرس لجهد ووقت وعمل شاق، جزى الله خيراً من قام بذلك، بدأ العمل بالاعتماد على الدفتر الحميدي الخاص بمخطوطات السليمانية؛ وذلك لأن هذا الرقم هو المعتمد في المكتبة السليمانية بشكل عام قديماً وحديثاً.
ولتيسير الأمر على الباحثين تم وضع فهرسٍ إلكتروني فيه معلومات عامة عن كل مخطوط، وصورٍ لبدايات المخطوطات ونهاياتها، وما فيها من لوحات فنية، وهذا عمل لم يسبق إليه بفضل الله ومنته.
وتم وضع كشاف ألفبائي بأسماء المخطوطات، وآخر بأسماء المؤلفين؛ وذلك ليكون البحث عن المخطوط أمراً ميسَّراً إلى أبعد الحدود.
ومع هذا كله قام مؤلف الفهرس بضبط أسماء المؤلفين وآبائهم، والترجمة لكثير منهم، والتعليق على كثير من الأمور للفائدة؛ كالتنويه عن نسخ أخرى للمخطوط، والتنبيه ما إذا طبع هذا الكتاب.
وأشار إلى الكتب المنحولة، وما نسبه أهل البدع والزيغ من المخطوطات لغير مؤلفيها زوراً وبهتاناً، إضافة إلى التنويه بالمخطوطات الهامة؛ خاصة إن كانت بخط مؤلفها، أو قريبة العهد من حيث تاريخ نسخها.
حقاً إن هذا الفهرس أشبه بالتأليف المدروس، إضافة لما تضمنه من فهرسة للمخطوطات، نسأل الله أن تخرج هذه النفائس لترى النور، إنه البر الغفور.